حكم المنية في البرية جار لأبي الحسن التهامي
حكم المنية في البرية جار
لأبي الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. نشأ "أبو الحسن علي بن محمد التهامي" في عصر كانت الدولة العباسية تتنازعها عوامل الانحلال، فكانت دار الخلافة في بغداد تحت نفوذ بني بويه وحمدان وطفج وغيرهم من الأمراء المستقلين بأجزاء الخلافة، ولم يبق للخلافة من رونق وكثر الأدعياء، والثائرون حتى عمت الفوضى السياسية. في هذه الفترة المضطربة نشأ أبو الحسن التهامي في تهامة المخلاف السليماني ( جازان ) كان في بداية حياته كما يقول الباخرزي في كتابه "دمية القصر": من السوقة، وُلِّي خطابة الرملة، ثم انقطع إلى بني الجراح حكام المخلاف آنذاكـ يمتدحهم، ويستضيء بهم ويقتدحهم، وكانت له همة في معالي الأمور تسول له رئاسة الجمهور، فقصد مصر واستدل على أموالها، وملك أزمة أعمالها،انتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. حيث قيل أنه غدر به بعض أصحابه ومعه كتب من حسان بن مفرج الطائي إلى بني قرة، فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي سنة 416هـ، ثم قُتِلَ سراًّ وأُعْدِمَ شنْقاً في سجنه في تاسع جمادى الأول من السنة المذكورة". وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحدودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.أهمله التاريخ ولم يكتب عنه كثيرا.
لأبي الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. نشأ "أبو الحسن علي بن محمد التهامي" في عصر كانت الدولة العباسية تتنازعها عوامل الانحلال، فكانت دار الخلافة في بغداد تحت نفوذ بني بويه وحمدان وطفج وغيرهم من الأمراء المستقلين بأجزاء الخلافة، ولم يبق للخلافة من رونق وكثر الأدعياء، والثائرون حتى عمت الفوضى السياسية. في هذه الفترة المضطربة نشأ أبو الحسن التهامي في تهامة المخلاف السليماني ( جازان ) كان في بداية حياته كما يقول الباخرزي في كتابه "دمية القصر": من السوقة، وُلِّي خطابة الرملة، ثم انقطع إلى بني الجراح حكام المخلاف آنذاكـ يمتدحهم، ويستضيء بهم ويقتدحهم، وكانت له همة في معالي الأمور تسول له رئاسة الجمهور، فقصد مصر واستدل على أموالها، وملك أزمة أعمالها،انتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. حيث قيل أنه غدر به بعض أصحابه ومعه كتب من حسان بن مفرج الطائي إلى بني قرة، فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي سنة 416هـ، ثم قُتِلَ سراًّ وأُعْدِمَ شنْقاً في سجنه في تاسع جمادى الأول من السنة المذكورة". وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحدودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.أهمله التاريخ ولم يكتب عنه كثيرا.
حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا * حتى يرى خبرا من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما * تبني الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة * والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مآربكم عجالا إنما * أعماركم سفر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا * أن تسترد فإنهن عوار
فالدهر يزرع بالمنى ويغص أن * هنّا ويهدم ما بنى ببوار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا * حتى يرى خبرا من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما * تبني الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة * والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مآربكم عجالا إنما * أعماركم سفر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا * أن تسترد فإنهن عوار
فالدهر يزرع بالمنى ويغص أن * هنّا ويهدم ما بنى ببوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما * خُلق الزمان عداوة الأحرار
إني ُوترت بصارم ذي رونق * أعددته لطلابة الأوتار
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت * منقادة بأزمة المقدار
أثنى عليه بإثره ولو أنه * لم يغتبط أثنيت بالآثار
ياكوكبا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر * بدرا ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه * فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستل من أترابه ولداته * كالمقلة استلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه * في طيه سر من الأسرار
إن يعتبط صغرا فرب مقمم * يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها * لترى صغارا وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا مضى * بعض الفتى فالكل في الأثار
أبكيه ثم أقول معتذرا له * وفقت حين تركب الأم دار
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
ثوب الرياء يشف عما تحته * وإذا التحفت به فإنك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها * أم صُورت عيني بلا أشفار
جفت الكرى حتى كأن غراره * عند اغتماض العين وخز غرار
ولو استزارت رقدة لطحا بها * ما بين أجفاني من التيار
أُحيي الليالي التم وهي تميتني * ويميتهن تبلج الأسحار
حتى رأيت الصبح تهتك كفه * بالضوء رفرف خيمة كالقار
والصبح قد غمر النجوم كأنه * سيل طغى فطفا النوار
والهون في ظل الهوينا كامن * وجلالة الأخطار في الأخطار
تندي أسرة وجهه ويمينه * في حالة الإعصار والإيسار
ويمد نحو المكرمات أناملا * للرزق أثنائهن مجار
يحوي المعالي كاسبا أو غالبا * أبدا يداري دونها ويداري
قد لاح في ليل الشباب كواكب * إن أمهلت آلت إلى الأسفار
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي * هذا الضياء شواط تلك النار
شاب القذال وكل غصن صائر * فينانه الأحوى إلى الأزهار
والشبه منجذب فلم بيض الدمى * عن بيض مفرقة ذوات نفار
وتود لو جعلت سواد قلوبها * وسواد أعينها خضاب عذار
لاتنفر الظبيات عنه فقد رأت * كيف اختلاف النبت في الأطوار
شيئان ينقشعان أول وهلة * ظل الشباب , وخلة الأشرار
لاحبذا الشيب الوفي وحبذا * ظل الشباب الخائن الغدار
وطرى من الدنيا الشباب وروقه * فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري
قصرت مسافته وما حسناته * عندي ولا آلاؤه بقصار
نزداد همسا كلما ازددنا غنى * والفقر كل الفقر في الإكثار
ما زاد فوق الزاد خُلِّف ضائعا * في حادث أو وارث أو عار
إني لأرحم حسادي لحر ما * ضمنت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم * في جنة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رمت كتم فضائل * فكأنها برقعت بوجه نهار
وسترتها بتواضعي فتطلعت * أعناقها تعلو على الأستار
ومن الرجال معالم ومجاهل * ومن النجوم غوامض ودراري
والناس مشتبهون في ايرادهم * وتفاضل الأقوام في الأصدار
عمري لقد أوطاتهم طرق العلا * فعموا فلم يقفوا على آثاري
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا * وعمى البصائر من عمى الأبصار
هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا * أو سلموا لمواقع الأقدار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل * لا خير في يمنى بغير يسار
إني ُوترت بصارم ذي رونق * أعددته لطلابة الأوتار
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت * منقادة بأزمة المقدار
أثنى عليه بإثره ولو أنه * لم يغتبط أثنيت بالآثار
ياكوكبا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر * بدرا ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه * فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستل من أترابه ولداته * كالمقلة استلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه * في طيه سر من الأسرار
إن يعتبط صغرا فرب مقمم * يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها * لترى صغارا وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا مضى * بعض الفتى فالكل في الأثار
أبكيه ثم أقول معتذرا له * وفقت حين تركب الأم دار
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
ثوب الرياء يشف عما تحته * وإذا التحفت به فإنك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها * أم صُورت عيني بلا أشفار
جفت الكرى حتى كأن غراره * عند اغتماض العين وخز غرار
ولو استزارت رقدة لطحا بها * ما بين أجفاني من التيار
أُحيي الليالي التم وهي تميتني * ويميتهن تبلج الأسحار
حتى رأيت الصبح تهتك كفه * بالضوء رفرف خيمة كالقار
والصبح قد غمر النجوم كأنه * سيل طغى فطفا النوار
والهون في ظل الهوينا كامن * وجلالة الأخطار في الأخطار
تندي أسرة وجهه ويمينه * في حالة الإعصار والإيسار
ويمد نحو المكرمات أناملا * للرزق أثنائهن مجار
يحوي المعالي كاسبا أو غالبا * أبدا يداري دونها ويداري
قد لاح في ليل الشباب كواكب * إن أمهلت آلت إلى الأسفار
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي * هذا الضياء شواط تلك النار
شاب القذال وكل غصن صائر * فينانه الأحوى إلى الأزهار
والشبه منجذب فلم بيض الدمى * عن بيض مفرقة ذوات نفار
وتود لو جعلت سواد قلوبها * وسواد أعينها خضاب عذار
لاتنفر الظبيات عنه فقد رأت * كيف اختلاف النبت في الأطوار
شيئان ينقشعان أول وهلة * ظل الشباب , وخلة الأشرار
لاحبذا الشيب الوفي وحبذا * ظل الشباب الخائن الغدار
وطرى من الدنيا الشباب وروقه * فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري
قصرت مسافته وما حسناته * عندي ولا آلاؤه بقصار
نزداد همسا كلما ازددنا غنى * والفقر كل الفقر في الإكثار
ما زاد فوق الزاد خُلِّف ضائعا * في حادث أو وارث أو عار
إني لأرحم حسادي لحر ما * ضمنت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم * في جنة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رمت كتم فضائل * فكأنها برقعت بوجه نهار
وسترتها بتواضعي فتطلعت * أعناقها تعلو على الأستار
ومن الرجال معالم ومجاهل * ومن النجوم غوامض ودراري
والناس مشتبهون في ايرادهم * وتفاضل الأقوام في الأصدار
عمري لقد أوطاتهم طرق العلا * فعموا فلم يقفوا على آثاري
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا * وعمى البصائر من عمى الأبصار
هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا * أو سلموا لمواقع الأقدار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل * لا خير في يمنى بغير يسار
حكم المنية في البرية جار لأبي الحسن التهامي
Reviewed by jalal am
on
22:55
Rating:
ليست هناك تعليقات: